مر ما يقرب من عام ونصف علي وصول باراك أوباما إلي البيت الأبيض، ولم يشهد العالم تغييراً حقيقياً في السياسة الأمريكية رغم الوعود الكثيرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي أثناء حملته الانتخابية ورغم فوزه بجائزة نوبل للسلام ورغم كل ما قاله بشأن بداية جديدة في العلاقات بين العالم الإسلامي وبلاده، فهل كان أوباما خديعة كبري للعرب؟
طرحنا السؤال علي د. منار الشوربجي أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، الحاصلة علي شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 2000، وصاحبة الكتب الثلاثة «كيف ينتخب الرئيس الأمريكي قيود وتعقيدات وأشياء أخري» و«أصوات أوباما الثلاثة - العرب في مرحلة ما بعد الأبيض والأسود» و«الكونجرس الأمريكي»، بالإضافة إلي عشرات الأبحاث والدراسات عن السياسة الأمريكية باللغتين العربية والإنجليزية.
هل كان أوباما «خديعة كبري للعرب» فعلا؟
- لقد انتخب الأمريكيون أوباما ليهتم بمصالح الولايات المتحدة، فهو رئيس أمريكا ويسعي للحفاظ علي مصالح بلاده، من هذا المنطلق لابد أن يدرك كل الأطراف أنه لن يقدم هدايا مجانية لأحد، كل طرف لابد أن يعمل من أجل مصالحه.
المسألة الثانية المهمة: يسعي أوباما لإعادة انتخابه، من هنا يحدد الرئيس الأمريكي أولوياته، والداخل الأمريكي بالتأكيد هو الأولوية الأولي..كل القضايا الأخري تراجعت أمام القضايا الداخلية الأمريكية، الآن نحن في مرحلة سابقة علي انتخابات الكونجرس في نوفمبر 2010، هذه المرحلة لن يغامر فيها الرئيس باتخاذ أي قرار قد يؤدي لخسارة أصوات الديمقراطيين.
عندما جاء أوباما للقاهرة في يونيو وألقي خطابه للعالم الإسلامي كان في أوج شعبيته، كان علي العرب أن يستغلوا الفرصة ويتحركوا بمنتهي السرعة لالتقاط الخيط مما جاء في الخطاب الشهير، في هذا الوقت كان باستطاعة الرئيس الأمريكي أن يتخذ مواقف جريئة طالما في أوج شعبيته، بمجرد أن تبدأ شعبيته في الهبوط تقل قدرته علي اتخاذ القرار..كان علي العرب أن يصارعوا من أجل السباق لاتخاذ زمام المبادرة.الأطراف العربية المعنية استمعت لخطاب أوباما وانتظرت أن يقوم هو بالمبادرة، وهذا لا يجوز مع الاعتبارات الداخلية والخارجية الأمريكية.
وعلي الجانب الآخر حمل خطاب أوباما نقاطا إيجابية وسلبية، فقد حمل الخطاب الدور الإمبراطوري للولايات المتحدة، صوت الإمبراطورية كان واضحا حينما تحدث عن العراق، تحدث عن الانسحاب لكنه لم يذكر كلمة واحدة عن تعويض الشعب الذي تعرض لكل هذه المحن بسبب الاحتلال الأمريكي.
إذن فأنت تؤكدين أن العرب هم المخطئون وهم من لم يستغلوا الفرصة التي قدمها لهم أوباما؟
- ما قدمه أوباما كان إيجابياً في البداية، كان واضحا منذ الحملة الانتخابية لأوباما أن الأمل هو حركة أوباما وليس أوباما نفسه، هذه الحركة أكثر تقدمية بكثير من المرشح أوباما، كان الأمل أن تظل هذه الحركة منظمة وتضغط علي أوباما بعد توليه منصب الرئاسة من أجل اتخاذ المواقف الإيجابية في الداخل والخارج وهذه القوي التقدمية في أمريكا هي الأمل في مساندة القضايا العربية، للأسف هذه القوي لم تنظم نفسها بعد انتهاء انتخابات الرئاسة، لم يعد هناك هذا الضغط علي أوباما، الضغط كله صار من اليمين الأمريكي ومن الوسط السياسي والقوي التقليدية التي تدفع لنفس المواقف العادية للسياسة الأمريكية.
> ما حقيقة المقولة السائدة عن أن السياسة الأمريكية واحدة ولا تتغير بتغير رئيس البلاد.. وهل يصلح تطبيق ذلك علي بوش وأوباما؟
- هذه المقولة ليست صحيحة، بدليل أنه في عهد بوش الابن حدث انقلاب علي كل الأسس الداخلية والخارجية، ربما هذا هو أفضل دليل علي كذبها، لكن في أحيان كثيرة يري الناس كثيرا أنه لا فرق بين رئيس جمهوري وديمقراطي، والسبب في ذلك أن كل رئيس يصل للحكم عبر توازنات القوي داخل حزبه،ولأن أمريكا تقوم علي نظام حزبين كبيرين، يكون كل حزب يسعي نحو الوسط السياسي لكي يفوز في الانتخابات الرئاسية، هذا هو السبب الذي يجعل البعض لا يري فرقاً بين الحزبين، وهذا الوسط السياسي ليس ثابتاً لكنه يتغير.
في عهد ريجان كان علي يمين الساحة السياسية الأمريكية في عام 1980 وعام 1984 مرة أخري، استطاع الفوز لأن الوسط السياسي ينحو منذ نهاية السبعينيات نحو اليمين،أي أنه ما كان ينظر إليه أنه يمين صار في الوسط السياسي وما في الوسط صار علي اليسار، إذن الوسط السياسي ليس ثابتاً.
ماحجم تأثير اللوبي اليهودي في السياسة الأمريكية؟ وهل يمكن أن يحدث تصادم للمصالح بين إسرائيل وأمريكا ذات يوم؟
- أفضل نسميه اللوبي المناصر لإسرائيل وليس اللوبي اليهودي، لأن أنصار إسرائيل ليسوا فقط من اليهود، هناك مناصرون لإسرائيل ربما أكثر تشددا وهم اليمين الأصولي المتشدد، أما بالنسبة لتأثير اللوبي فلابد أن نضع هذا اللوبي المناصر لإسرائيل في السياق العام، جماعات المصالح هي أحد مفاتيح فهم السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، هناك الآلاف المسجلين رسميا في الكونجرس ووزارة العدل الأمريكية باعتبارهم يعملون في مجال اللوبي، وهم يقومون بالضغط علي الحكومة الأمريكية من أجل تحقيق مصالح بعينها.
اللغة المستخدمة في واشنطن هي جماعات المصالح، النظام السياسي لا يتعرف علي المصالح إلا من خلال الضغط من جانب جماعات المصالح، علي سبيل المثال كل جهاز كمبيوتر يفهم لغة معينة، لو حدثته بلغة أخري لن يتعرف علي مفردات هذه اللغة، لغته الأساسية هي جماعات المصالح، غير المنظمين سياسيا والذين لا يمارسون عملية الضغط السياسي لا يتعرف عليهم النظام السياسي الأمريكي لأنهم لا يتحدثون اللغة التي يتحدثها، في هذا السياق فإن اللوبي المناصر لإسرائيل واحد ضمن جماعات مصالح كثيرة، وهو يستخدم نفس أساليب جماعات المصالح، وهو واحد من أكثرهم فاعلية وقوة في الوقت نفسه.
تقوم جماعات المصالح هذه بتعبئة الأصوات في الانتخابات ليدلوا بأصواتهم ككتلة واحدة، وتقوم بتمويل الحملات الانتخابية والعمل علي التأثير في الرأي العام والإعلام، واللوبي المناصر لإسرائيل يستخدم كل هذه الآليات ويحقق نجاحات كثيرة في هذا الصدد، ويقوم بمتابعة السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل يوما بيوم ودقيقة بدقيقة، يقومون بمتابعة كل ما يجري في الكونجرس وفي كل لجانه ولحظة بلحظة وما يتم في كل الوزارات بشأن إسرائيل لحظة بلحظة.
ولعل أهم جماعات المصالح هذه هي أيباك «AIPAC» اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة- وهي اللوبي الرسمي المناصر لإسرائيل، وهي منذ عقد التسعينيات وهي تميل نحو اليمين، وصارت «أيباك» منظمة جدا وتجر الساحة الأمريكية فيما يتعلق بإسرائيل نحو الليكود الإسرائيلي، ويمينية هذه المنظمة جعلتها لا تمثل غالبية اليهود الأمريكيين الذين لهم مواقف كثيرة تختلف معهم، صارت مع الوقت هناك منظمات أخري مثل «J street» التي نشأت عام 2008 لتكون لوبي جديداً مناصرا لإسرائيل يعمل بالأساس من أجل منافسة أيباك ولإعطاء غطاء سياسي المسئولين السياسيين الامريكين الذين يتخذون أصواتا أكثر اعتدالا تجاه إسرائيل.
> بعد الخلاف بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل علي قضية المستوطنات، كيف ترين مستقبل العلاقة بينهما؟ هل تستسلم الإدارة الأمريكية لرغبات نتنياهو أم تصر علي تجميد الاستيطان؟
- هذا التوتر الأمريكي الإسرائيلي حقيقي، هناك فجوة بالفعل في العلاقة، لكن هذا التوتر لا يعني أن نتوقع اتخاذ الإدارة الأمريكية مواقف مناهضة لإسرائيل، هذا لن يحدث، القضية هي أن هذا التوتر بدأ لأن هناك نغمة جديدة داخل أمريكا تتحدث عن أن ما تفعله إسرائيل يهدد المصالح الأمريكية -بالذات الاستيطان - يعتبر تحديا لأمريكا ويضع مصالحها في خطر..هذا النوع من الخطاب كان موجودا في أمريكا طوال الوقت لكنه كان علي هامش السياسة الأمريكية، لكنه اليوم صار في المقدمة، إدارة أوباما تستخدم نوعا من الخطاب يكرس هذه الحالة، كثير من الرموز السياسيين الأمريكيين أصبحوا يعلنون ذلك بصراحة.
بايدن قال لنتنياهو إن ما تفعله إسرائيل يهدد حياة جنودنا في المنطقة، القضية أن تغيير الخطاب السياسي الأمريكي في حد ذاته يؤدي لنوع من التحول في الواقع.
لا أقلل هنا من قيمة التحول في الخطاب السياسي، فهو يغير الساحة السياسية الأمريكية، استطلاعات الرأي تؤكد أن غالبية الأمريكان يرون عدم قيام أمريكا باتخاذ مواقف بشأن الاستيطان يفقد أمريكا مصداقيتها في العالم.
صار لدي أوباما الآن غطاء سياسي من جانب عدد كبير من اليهود الأمريكيين، الذين صاروا قلقين بشدة مما تفعله إسرائيل لأنهم يعتبرون ما تفعله إسرائيل سوف يعني نهاية حل الدولتين بالاستيلاء علي الأرض وتصبح دولة واحدة ومع التطور السكاني يكون معناه انتهاء المشروع الصهيوني وانتهاء يهودية الدولة.
من أهم الأشياء اللافتة للانتباه أن شعبية أوباما في أوساط اليهود الأمريكية لاتزال أعلي من غيرها في الجماعات والقوي الإثنية والعرقية الأخري.
> هل تؤثر وسائل الإعلام في القرارات الرئاسية الحاسمة في أمريكا؟ وبأي درجة؟ وما نصيب مصر والشعوب العربية من ذلك؟
- العلاقة بين الرئيس الأمريكي ووسائل الإعلام ليست علاقة ذات اتجاه واحد بل ذات اتجاهين، كل منهما يؤثر في الآخر، الرئيس يستخدم الإعلام، والإعلام سلاح ذو حدين قد ينقلب علي الرئيس، أحد أهم مصادر قوة الرئيس هو قدرته علي استغلال منصبه المهم في إعادة تشكيل الرؤي السياسية للأمريكيين، وهو نوع من التأثير الذي يدركه أوباما جيدا ويستخدمه جيداً.
والإعلام أيضاً يؤثر علي الرئيس، أحياناً استخدام الصورة في الإعلام يكون مؤثرا للغاية علي الرأي العام الأمريكي قد يدفع الرئيس لاتخاذ قرارات بعينها، مثلا في حالة كلينتون حين تم القبض علي الجنود الأمريكان في الصومال وتم سحلهم في الشوارع، الصورة نفسها أحد أهم العوامل التي جعلت الكونجرس يتخذ موقفا مشدداً أدي إلي سحب القوات الأمريكية من الصومال.
لأسباب كهذه اتخذت إدارة بوش الابن قرارا مبكرا بعد غزو أفغانستان والعراق لمنع أي تصوير للنعوش المقبلة من أفغانستان والعراق، صار الجنود الأمريكان يدفنون في هدوء كامل بعيدا عن عدسات الإعلام الأمريكي، لأن تسليط الأضواء علي ذلك قد يؤدي لتذمر الرأي العام الأمريكي.
بعد سبع سنوات من غزو العراق.. من انتصر فعلا.. الأمريكان أم الشعب العراقي؟
- المؤكد أن أمريكا لم تنتصر، لكن فيما يتعلق بالشعب العراقي يجب علي أن أقول أن شعبا عظيما مثل الشعب العراقي قد نهبت ثرواته ودمرت بلاده وتم استهداف الذاكرة الجماعية عبر الاغتيالات المنظمة للأكاديميين والمثقفين، يصعب علي أن أقول أن هذا انتصار، لكن هذه الحرب أكدت أن القوة الغاشمة لا يمكنها إخضاع الشعوب وهذه فكرة كان يروج لها المحافظون الجدد.
هل يمكن مقارنة موقف أمريكا في حرب العراق بموقفها إبان حرب فيتنام؟
- الحقيقة أن الموقف الأمريكي في العراق وأفغانستان بالغ الصعوبة، القضية ليست العراق فقط حتي بعد زيادة الجنود في أفغانستان صارت مشكلة كبري لأمريكا التي تستنزف الكثير من الأموال هناك، هذا الاحتلال يؤدي إلي ترويع الآمنين، أعداد القتلي صارت مذهلة.
لماذا تبدو أفغانستان مستعصية هكذا علي الولايات المتحدة؟ وما المخرج الأمريكي المفترض من هذه الورطة؟
- مستعصية لأنها حالة احتلال، أي احتلال لابد وأن يكون مستعصيا وغير مقبول، المشكلة في زيادة عدد القوات، استخدام استراتيجية ملاحقة التمرد، أدي لزيادة عدد القتلي والجرحي بين المدنيين، لأن هذه الاستراتيجية تم تجريبها قبل ذلك في فيتنام والعراق، صارت لدي أصحاب الضمائر الحية في العالم عبارة شفوية معناها استخدام القوي الغاشمة، تسعي لاستمالة المدنيين إلي صفك ضد الذين يحاربونك، هذه الاستمالة لا تحدث إلا باستخدام القوي الغاشمة التي تجعل المدنيين يدركون أن الأمريكان أقوي بكثير من الطرف الآخر خلاصا من الموقف، وعليه فقد شهد عهد أوباما استخداماً مكثفاً للهجمات من طائرات بلا طيار،هجمات مقصود بها قتل رموز القاعدة تحدث بلا تمييز وتحدث دماراً واسعاً جدا بين المدنيين.
> بعدما اختاره الحزب الديمقراطي مرشحا له في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. هل فرص أوباما في الاستمرار رئيسا لأمريكا دورة ثانية كبيرة فعلا؟وهل يظل الانكفاء علي الداخل الأمريكي منهجا لأوباما في السنوات المقبلة؟
- لا يوجد في أمريكا ما يمنع أي شخص أن يرشح نفسه في الحزب الديمقراطي أو الجمهوري دون استشارة هذا الحزب، أي شخص يمكن أن يرشح نفسه في الانتخابات التمهيدية، وبالتالي من السابق لأوانه القول إنه لا أحد يمكن أن يرشح نفسه أمام أوباما في حزبه.
حتي لو حصل مباشرة علي ترشيح حزبه الديمقراطي، يمكن أن يحدث الكثير في الانتخابات الرئاسية عام 2012، وهذا الكثير سيجيب علي التساؤل بشأن فرص فوز أوباما بفترة رئاسية جديدة.. المسألة ليست فقط المناخ السياسي العام وإنما إذا كان قد وصل لعام 2012 حاملا إنجازات يقولها بوضوح..أعتقد أن هناك مشكلة في الحقيقة حيث يظل السؤال بشأن علاقة أوباما بقواعد الحزب الديمقراطي، التي تشعر بإحباط كثير لإدارته الكثير من الملفات الداخلية والخارجية علي السواء، المشكلة إذا ما لم يستطع أوباما أن يفعل شيئا يؤدي إلي تحسين العلاقة، أكثر ما يفعله هؤلاء أن يقبعوا في بيوتهم لحظة الانتخابات بسبب إحباطهم ويؤدي ذلك لأن تحسم أصوات الجمهوريين النتيجة لصالح المرشح الجمهوري.
ستجيب الأيام علي كيفية تعامل أوباما مع قواعد الديمقراطيين في الانتخابات، هو في موقف صعب، لأنه نجح بأصوات المستقلين وأفكارهم وهي أفكار مخالفة للديمقراطيين.
ما سر انقلاب الأمريكيين علي أوباما وتراجع نسبة التأييد له حسب استطلاعات الرأي الأخيرة؟
- هذا في الحقيقة ليس سراً وليس جديدًا، ويحدث مع كل رئيس أمريكي، في العام الثاني في الانتخابات الرئاسية تقل شعبية الرئيس الأمريكي، وهي مسألة معروفة في الحياة السياسية، فهو يبدأ بشعبية كبيرة وتبدأ هذه الشعبية في الانحسار وقد تقع أحداث تعيد شعبيته، وقد يخسر حزب الرئيس بعض المواقع والمقاعد في انتخابات الكونجرس بعد سنتين من توليه لأن شعبيته التي تحمل حزبه تكون قد انحسرت.
> إذا كان الشعب الأمريكي غير مهتم بالسياسة الخارجية ويهتم أكثر بشئونه الداخلية.. فما سر التعاطف الشعبي الأمريكي مع إسرائيل؟
- صحيح أن الأمريكان لا يهتمون إلا بالقضايا الداخلية، هناك تأثير للإعلام وهناك تأثير نفوذ الجمعيات المنظمة المناصرة لإسرائيل وتأثير للدور الايجابي الذي يلعبه اليهود الأمريكيون، اليهود يلعبون دوراً إيجابياً في المجتمع الأمريكي وهم جزء من كل الحركات الاجتماعية والحقوق المدنية، كانوا جزءا من مناهضة حرب فيتنام ولهم دور علي المستوي المجتمعي وكانوا جزءا من كل الحركات المهمة وشاركوا بالأموال ليس من أجل صالح إسرائيل فقط بل في أمور مجتمعية أخري مثل بناء المدارس وبناء المستشفيات وغيرها.، الشعب الأمريكي غير مهتم بإسرائيل لكنه يري جهود اليهود الأمريكيين، لذا فهو يأخذ بتقديرهم حولها.
> هل يمكن أن تتدخل أمريكا في صناعة مستقبل مصر في حالة الغياب المفاجئ للرئيس مبارك؟ وكيف سيكون شكل هذا التدخل إن تواجد؟
- في الحقيقة أرفض النظر إلي بلادي باعتبارها مفعولاً به لا حول له ولا قوة إزاء التدخل، أي عملية تدخل لا تحدث إلا بوجود قابلية لهذا التدخل، بالتأكيد القوي العظمي تسعي لأن يكون لها علي الأقل فهم واضح لما يحدث في الدول التي تهمها، في حقيقة الأمر السؤال المهم هل هناك ظروف موضوعية تخلق هذه القابلية للتدخل أم لا؟
هناك اتجاهان طوال الوقت في المؤسسات الكبري في مصر ، اتجاه يؤمن بقوة استقلالية مصر ولا يقبل مثل هذا التدخل، وهناك اتجاه آخر يقبل التدخل، في رأيي الشخصي الاتجاه الذي يرفض التدخل ويعتز باستقلالية مصر هو الذي سيسود ويحسم المسألة.
ما هي قراءتك لتعامل الإدارة الأمريكية مع مشروع التوريث ونقل حكم الرئيس مبارك إلي نجله جمال؟
- تسعي أمريكا خاصة في عهد أوباما إلي فتح قنوات مع كل القوي السياسية في مصر، فتح هذه القنوات لا يعني أنها مع هذه القوي أو ضدها، معناه أنه لابد أن نتوقع قنوات مفتوحة مع كل القوي الأخري.
أوباما يتسم ببرجمايتيه الشديدة التي تعني أنه لا يركز كثيرا إلا مع ما فيه مصلحة أمريكا، لا يركز علي الخلافات إنما يركز علي الفرص، هذه الإدارة تفتح القنوات مع الكل سواء في مصر أو في خارج مصر، هم يفعلون ذلك أيضا مع إيران وسوريا وأي منطقة أخري.
> هل الولايات المتحدة- في العهود السابقة لأوباما وفي عهد الرئيس الحالي- صادقة فعلا في دعم الديمقراطية في دول العالم الثالث أو البلدان العربية تحديدا؟ كيف اختلفت هذه السياسة ما بين عهدي بوش وأوباما؟
- أندهش كثيرا عند الحديث عن أمريكا باعتبارها جمعية خيرية، وأندهش أيضا أن الناس لا تقرأ تاريخ أمريكا، الولايات المتحدة تدخلت في أمريكا اللاتينية ولم تكن القضية دعم الديمقراطية بل قامت أمريكا بقلب أنظمة ديمقراطية من تشيلي إلي إيران في الخمسينيات.
في عهد بوش القضية ليست الديمقراطية أبدا لكنها استخدام الديمقراطية ضد من يتحدي الهيمنة الأمريكية، بل من أجل نظم معينة لا علاقة لها بقضية الديمقراطية.
الشيء نفسه ينطبق علي أوباما، انظر إلي كيف تعامل مع الحركة السياسية في إيران أو ما يطلق عليه اسم الثورة الخضراء،الحذر هو الكلمة المناسبة لمفتاح حركة أوباما، لم يقل شيئا في البداية ثم بضغوط داخلية أمريكية تحدث في الموضوع دون أن يدعم الثورة مباشرة.
> كيف يمكن قراءة شكل تعاطي إدارة أوباما مع مشروع د. محمد البرادعي للتغيير في مصر؟ وهل يمكن أن تؤثر العلاقة المتوترة بين البرادعي وأمريكا قبيل غزو العراق علي شكل التعامل؟
- أولا العلاقة المتوترة كانت في عهد بوش الابن، ليس لدي معلومات عن تعاطي إدارة أوباما أي قنوات مباشرة للاتصال، لكن طبيعي كما قلت أن إدارة أوباما تسعي لفتح قنوات مع كل القوي السياسية.. هناك قنوات مع الكل دون استثناء.
هذا لا يعني دعما،لابد أن نتذكر أن أمريكا عندها عقدة إيران، أمريكا فوجئت بالثورة الإيرانية في نهاية السبعينيات، وبالتالي هناك رغبة أمريكية دائمة لفتح قنوات مع كل القوي في كل الدول حتي لا تفاجأ بتطورات لا تعلم عنها شيئا.
إدارة أوباما هي الأكثر حذرا، أحد أهم ملامح إدارة أوباما عموما الحذر في أي التزامات دولية والحذر في دعم قوي أو تيارات حتي ولو من باب ألا توصم تلك هذه القوي والتيارات بأنها عميل أمريكي.
كيف تقيمين العلاقات المصرية الأمريكية في الوقت الراهن وهل تحسنت فعلا كثيرا عن ذي قبل؟
- فيما يتعلق بالعلاقات إذا كانت المقارنة بعهد بوش فالعلاقات تحسنت بالتأكيد فهي أفضل من عهد بوش، هل معني ذلك أنها صارت أفضل؟ هذا سؤال مختلف.
العلاقات المصرية الأمريكية مفتاحها الأول قوة مصر الداخلية والإقليمية، بمعني أن مصر التي تتمتع بعافية داخلية وبها قوي حية تعبر عنها حكومتها تحمي في الحقيقة مصر كثيراً، أي حكومة حتي تدخل في علاقة مع قوة عظمي لابد أن تتمتع بإجماع وطني في الداخل حول مواقفها، عدم وجود هذا الموقف الداعم لها يؤدي لإضعاف موقفها أمام القوي العظمي، وهذا العامل لا يتحقق إلا من خلال ديمقراطية حقيقية.
المفتاح الثاني للعلاقات هو دور مصر الاقليمي، أمريكا تستفيد من أي دولة بناء علي قوة هذه الدولة. مصر كانت في السابق لها قيمتها ولها علاقات معقدة متشعبة في محيطها الاقليمي، يمكن لأمريكا أن تستفيد منها،بمعني أن تكون القاهرة لها علاقة بأطراف لا علاقة بين واشنطن وبينها وبالتالي تستفيد أمريكا من العلاقات المصرية. بعبارة أخري كلما زاد الدور الإقليمي القوي لمصر، تزداد قيمتها بالنسبة لأمريكا، وهناك أمثلة كثيرة حولنا مثل تركيا، ومثل دور السعودية -المحسوبة علي محور الاعتدال - في العراق ولبنان..بالتالي انكفاء مصر علي نفسها أدي لتراجع دورها مما يؤثر علي العلاقات المصرية الأمريكية
No comments:
Post a Comment