بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لثانى أكبر مذبحة فى أوروبا فى القرن العشرين
كان إيجور من مقدونيا..يقف أمام فصل الأمم المتحدة يعطى لنا عرضا تقديميا عن قوات حفظ السلام فى البوسنة..يجمع الأدلة على نجاح الأمم المتحدة فى مهامها خلال حرب البوسنة..كان كلامه منظما وأنيقا إلا أنه تجاهل الحديث عن عمد عن سربرنيتشا،وهى كارثة فى حق التاريخ أن ياتى ذكر حرب البوسنة دون الحديث عن سربرنيتشا..
ولم أحتمل هذا التجاهل المتعمد المثير للغيظ..رفعت يدى فأعطتنى البروفسير د.أوزلر الإذن بالحديث..و استعبطت كى أثير هذه القضية فى الفصل..ذكرت شيئا ما عن سربرنيتشا وقلت أننى سمعت أن الأمم المتحدة تواطأت فى هذه المذبحة التى راح ضحيتها ثمانية ألاف رجل مسلم من المدنيين فى يوم واحد..وهنا تعالت تساؤلات الطلبة..أولا: كيف قتل ثمانية ألاف شخص فى يوم واحد؟..ثانيا:لماذا كلهم رجال ماداموا من المدنيين؟..ثالثا: ولماذا كلهم مسلمين؟..رابعا: هل معقول أن تتورط الأمم المتحدة فى ذلك؟..هنا كان لابد أن تتوقف د.أوزلر وتحكى القصة الرهيبة التى لم أصدق أننى لم أكن أعرفها عندما قرأتها قبل أيام أثناء تحضيرى لهذا الدرس.
المكان: مدينة سربرنيتشا بجمهورية البوسنة والهرسك..
الزمان: يوليو 1995..
الحدث: أكبر مذبحة فى تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية..
القصة تبدأ كالتالى..
قوات صرب البوسنة –مدعومة من الحكومة الصربية- تطوق سربرنيشا حيث لجأ عشرات الألاف من المدنيين لحماية فى المدينة التى أعلنتها الأمم المتحدة "منطقة أمنة" منذ أبريل 1993..قوة الأمم المتحدة تتبين أخيرا صعوبة اموقف وتدرك على وجه اليقين أن المذبحة واقعة لا محالة..الصرب مقبلون متعطشون للارتواء من دماء البوسنيين المسلمين..ويبدأ الفصل الثانى من الجريمة عندما تفصل قوات الصرب رجال اللاجئين عن نسائها وأطفالها،ويتم التدقيق جيدا فى الحافلات المحملة بالنساء والأطفال لمنع أى رجل من الهروب من المدينة، فيما يقر الألاف من المدنيين والمقاتلين على طول "طريق الموت"..ثم يصدر زعيم صرب البوسنة رادوفان كاراديتش أوامره بتنفيذ الإبادة الجماعية..وفى خلال ساعات معدودة قتل ثمانية ألاف رجل مسلم ..حدث هذا فى قلب أوروبا فى منتصف تسعينات القرن العشرين، ولم تمنع التكنولوجيا أو الحضارة هذه الماسأة من اكتمالها حتى النهاية.
الجريمة وقعت وانتهى الأمر..المتهم الأول هم صرب البوسنة المتوحشين..وفى قائمة الاتهام تبقى الامم المتحدة متواطئة إذ أن المذبحة وقعت على مرأى ومسمع من القوة الهولندية الضعيفة التى كان من المفترض أن تحمى أهالى سربرنيتشا..طبعا كان مستحيلا أن تحمى قوة هولدية مكونة من 400 جنديا مسحين بأسلحة خفيفة منطقة تبلغ مساحتها 10 ألاف كيلومتر مربع، رغم أن القيادات العسكرية طلبت فى البداية 32 ألف جندى لتأمين المنطقة لكن العدد انخفض لخمسة عشر ألفا ثم ستة ألاف بعد عام من صدور قرار مجلس الأمن، وبقى من القوة الدولية 400 جنديا فحسب وقت تنفيذ المذبحة.
من يدفع الثمن؟..الحكومة الهولندية برئاسة فيم كوك تقدمت باستقالة جماعية فى ابريل 2002 عقب صدور تقرير رسمى يدينها عندما كلفت جنودها بـ"مهمة مستحيلة" وكانت النتيجة أكبر مذبحة تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية..محاكم جرائم الحرب لا تزال تواصل المهمة العسيرة وتتعقب المجرمين هنا وهناك وكلنا نتذكر إلقاء القبض على السفاح الصربى كاراديتش فى يوليو الماضى فى بلجراد فى مسرحية هزلية تبدو كأنها من سيناريو صربيا التى تسعى لكسب رضا أوروبا للانضمام إلى الإتحاد الأوروبى.
تبقى الحصية النهائية للضحايا 8373 شهيدا، منهم 500 تحت سن الخمسة عشر عاما وتضمنت القائمة أيضا عشرات النساء والفتيات..فى عام 2008 تم تحديد هوية 5600 شهيدا باستخدام الحامض النووى،ولا يزال الباقون فى عداد المفقودين حتى هذه اللحظة.
الأبرياء دائما يدفعون ثمن الحروب، لكن لابد أن يبقى هنالك من يطالب بحقوقهم..كل يهودى فى هذا العالم يعرف أن هنالك ستة ملايين يهودى قتلوا فى محارق الهولوكوست خلال الحرب العالمية الثانية بغض النظر إذا كان ذلك مزاعم يهودية أو حقائق تاريخية..كم منا يعرف أن هنالك ثمانية ألاف رجل مسلم قتلوا فى يوم واحد فى سربرنيتشا ؟الأرقام لا تكذب والتاريخ يقول أن 11 ألف ألباني قتلوا على يد الصرب في حرب كوسوفو 1999، وهرب مليون ألباني آخر من كوسوفو.. اختلفت الأرقام في حرب البوسنة 1995، لكن الإحصائيات المختلفة قدرت أن عدد الضحايا من الألبان لن يقل عن 70 ألف ألباني إلى جانب تهجير أكثر من مليون ألباني،واغتصاب 44 ألف أمرأة مسلمة على أيدى الجنود الصرب!
صحيح أن هذه القصة كئيبة وماساوية،لكن ينبغى أن نعرفها جميعا..ولما كنت قبل بضعة أشهر من الان لا أعرف عنها شيئا،فقد قررت أن أشارككم إياها كما تحمست لجعل البروفسير تحكيها لنا جميعا قبل أشهر.
سربرنيتشا..تذكر هذا الاسم جيدا،فمن العار ألا نعرف جميعا سربرنيتشا..
علاء مصباح
فى 11 يوليو 2008
الفصل الثانى (أيام فى الأمم المتحدة)
من كتاب (هذه هى أمريكا)
اليوم تمر الذكرى الخامسة عشرة لهذه المذبحة، فى نفس اليوم الذى يلتقى فيه فريقا هولندا وأسبانيا فى نهائى كأس العالم الذى سيراه مئات الملايين فى قارات العالم الست..لماذا لا يقف اللاعبون الهولنديون ولو دقيقة حدادا على أرواح الثمانية ألاف ضحية مسلمة، كنوع من الاعتذار للعالم وللإنسانية جمعاء عما ارتكبته حكومتهم وما ارتكبته القوة الهولندية وما اقترفته الأمم المتحدة من ذنب فى حق البشرية؟
فى 11 يوليو 2010
طالما تستهزىء بمذابح اليهود و اى مذابح اخرى لغير المسلمين لن تجد ادنى طعاطف لدى قضاياك "الاسلاميه"
ReplyDeleteو بطل بقه ازدواجيه العرب و المسلمين المشهورة .. ارحمونا بقه
لماذا لا يقف العرب انفسهم حداد على جرائم ارتكبوها و يرتكبوها فى حق غير المسلمين فى العالم و منها "اسبانيا"
ReplyDeleteانت تقرا التاريخ على مزاجك زى كتيير من العرب و المسلمين... مش عارف الجامعه الامريكيه غيرت منك فى ايه؟؟