http://www.alarabiya.net/articles/2009/03/17/68630.html
كما قدمت مجلة مصرى نقدا رائعا للكتاب كتبه فادى رمزى بسلوبه الجذاب - المقال هنا:
http://www.myegyptmag.com/index.php?name=News&file=article&sid=1012
علاء مصباح
ها هو ذا كتاب عمر طاهر الجديد "جر ناعم"، وعمر طاهر هو صاحب الكتب الثلاثة التي احتلت قائمة الكتب الأكثر مبيعا خلال الأعوام القليلة الماضية "شكلها باظت" و"كابتن مصر" و"ابن عبد الحميد الترزي"، وإذا كنا نعرف جيدا طبيعة هذه الكتب فكلها ألبومات ساخرة؛ الأول اجتماعي، والثاني للمراهقين، والثالث للسينما، أما "جر ناعم" فهو كتاب مختلف جدا!
على ظهر الغلاف الخلفي يشوّقك عمر طاهر لمحتوى كتابه الجديد، فهو يخبرك بوضوح أنه ليس بمجموعة قصصية؛ لأنه يحتوي على مجموعة من القصائد، كما أنه ليس ديوان شعر؛ لأنه يحتوي على مقاطع من السيرة الذاتية، كما أنه ليس بسيرة ذاتية؛ لأن به قصصا من الخيال، ثم "أنت لست مضطرا إلى تسميته بل لست مضطرا للاحتفاظ به بين يديك أصلا" كما ينصحك طاهر.
الكتاب ينتقل بك بالفعل بين قصص خيالية يحكيها عمر طاهر عن أناس آخرين، أو قصص من حياته وخواطره الشخصية، وما بين هذا وذلك قصائد من شعره بالعامية، فهو لا يترك لك الفرصة لتبدي ضجرك من الكتاب، فلو مللت من خواطره يمكنك أن تنتقل إلى قصائده، وإذا ضقت بحكاياته ومواقفه الشخصية انتقل إلى قصصه الخيالية، وإذا مللت من كل هذا انتقل إلى هدية الكتاب التي سنتحدث عنها لاحقا.
في بعض مقالات السيرة الذاتية أشعر بأنها كانت أكثر مناسبة لو قرأتها على مدونة شخصية منها في كتاب مطبوع، لكن هذا لم يمنعني من أن أبدي إعجابي بعمقها، منها مثلا مقال "الكتلة والفراغ" الذي يرسم فيه عمر طاهر العلاقة الفريدة بينه وبين العنكبوت في حمام شقته، فقد جعلته الوحدة يتخذ من العنكبوت صديقا.. "تجعلني الوحدة أتعاطف مع بعض الكائنات التي تشاركني البيت أحيانا"... "لأيام طويلة كانت كتلة الدخان هي لعبتنا المفضلة أنا والعنكبوت أصبح يفهمني"... "تعاطفت معه وأعتقد أنني أصبحت مصدر البهجة الوحيد في حياته، أصبح العنكبوت صديقا تجمعنا صفات مشتركة؛ فكلانا وحيد يعيش في بيت من صنعه وبقوانينه".
تتضح الظروف النفسية التي يعيشها الكاتب من خلال مقالاته، فهو يعيش وحيدا في شقته بالقاهرة، يعاني الوحدة ويستمتع بها في نفس الوقت، يحب الاستماع إلى محمد محيي رغم سخرية أصدقائه، ويسافر بالقطار من حين لآخر لبلده سوهاج ليلتقي بالأهل والأقارب، العلاقة الفريدة شديدة الجمال التي تجمعه بشقيقاته البنات ومشاعره تجاهن في ليالي زفافهن.
في "ليست قصصا ولكنها قصيرة" يقدم لنا طاهر عددا من المواقف الشخصية التي يتعرض لها.. مثلا لماذا طلب من بائع الصحف عددا من الصحف اليومية وأعطاه ورقة نقدية بمائة جنيه وقال له "خلي الباقي علشانك".. وعن الأكل بالعصي في مطعم صيني.. "خرجت من المطعم الصيني مشغولا بالتفكير في العصي التي يستخدمها الصينيون برشاقة في طعامهم في الوقت الذي قادني فيه جهلي بطريقة استخدامها للخروج من المطعم جائعا".
أكثر القصص التي أعجبتني قصة "الرؤية" بما فيها من معانٍ إنسانية عميقة.. اقرأ معي: "هناك فراغات يتركها الراحلون، فراغات لا يمكن أن تملأها بشخص آخر، فالفراغ الذي يتركه رحيل الأم لا تملؤه حبيبة، والفراغ الذي تتركه الحبيبة لا يملؤه صديق، والفراغ الذي يتركه صديق لا يملؤه صديق آخر".. "الأشخاص كالألوان.. إذا رحل عن حياتك اللون الأحمر قد يهون عليك اللون الأخضر بعض الألم لكنه مهما كان مخلصا لن يصبح أحمر في يوم من الأيام".. ومع هذا يُؤخذ على الكتاب تواجد الأخطاء اللغوية والإملائية بكثرة، وهو ما تواجد في كتبه السابقة أيضا.
"ما تركته الفتاة في حياة الموحد بعد رحيلها" مجموعة من النصائح والمواقف والذكريات في حياة فتى وفتاة بعد انتهاء علاقتهما العاطفية.. عندما ودّعته اتّهمته بقائمة من الأمراض النفسية التي يعاني منها: "أنت موسوس.. أنت مجنون.. أنت عصبي..." نصائح كثيرة وجهتها له: "إنت لازم تروح لطبيب نفساني - تروح لشيخ - لازم تعرف إنت عايز إيه".. عادات جديدة تسللت لحياة الفتى كي ينسى: "إدمان الكلام في الموبايل.. إدمان الحشيش.. كتابة الشعر.. الاستماع إلى بهاء سلطان"!
أما هدية الكتاب -وهي في رأيي أقل ما في الكتاب متعة- فهي مائة جملة تصلح كـ: Sastus على facebook، وهو ما يخاطب به عمر طاهر جمهوره من المراهقين الشباب عشاق الفيس بوك.
في رأيي هذا الكتاب أكثر كتب عمر طاهر عمقا ومتعة وخبرة بالحياة، رغم أنه تخلى في كثير من مقالاته وقصصه عن السخرية التي يتميز بها، كما أنه يمثل مرحلة نضج الكاتب بعد كتبه السابقة التي كسب بها جمهورا عريضا من الشباب.
المقال على بص وطل:
http://www.boswtol.com/aldiwan/nkasakees_239_02.html
دعوته إلى تناول العشاء معى،ووعدته بتجربة جديدة فى القاهرة..طلب منى أن نأكل طعاما مصريا خالصا، فقفز اسم فرح إلى ذهني..سألته:
- هل ذهبت إلى المهندسين من قبل؟
- مرة واحدة فقط.مع بعض الأصدقاء!
وهكذا قررت أن أصطحبه إلى المهندسين..نزلنا معا وأخذنا تاكسيا..لسبب ما اتخذ السائق طريقا طويلا جدا..انشغلت عن متابعة الطريق بحديث مع جونا عن الإعلانات التى كانت تتألق فى ظلام الليل على مباني المدينة..فى شارع شهاب لاحظت عينا جونا تهتمان بمتابعة فتى يعاكس فتاة على جانب الطريق..الفتاة محجبة تلبس جينز ضيق وبوزة حمراء،والفتى يمضى خلفها دون خجل،وهى تبدو منزعجة بشدة..
أخيرا وصلنا للمطعم المصري جدا فى نهاية شارع جامعة الدول..ناولت السائق ورقة نقدية بعشرة جنيهات، هم أن يأخذها كلها فقلت:
- خد ستة بقى!
- العشرة كلها!
- خليهم سبعة..انت اللى أخدت طريق طويل..
أعطاني جنيهين أخذتهما وقررت أن أسكت لأن جونا معي..جلسنا على مائدة خالية وذهبت أحضر قائمة الطعام..طلب جونا منى أن أرشح له شيئا، فاقترحت الكباب أو الشاورما..أما أنا فنباتى ولن أكل سوى ورق العنب والبطاطس..
جاء النادل وتحدث معنا..من النظرة الأولى عرف أن جونا أجنبيا فحاول أن يتكلم معه بإنجليزيته الردئية،فرد عليه جونا بالعربية -الرديئة أيضا..ثم شكره قائلا: سوكرا جزيلا!
فى طريق العودة سرنا قليلا فى شارع شهاب..كان الساعة قد قاربت منتصف الليل..قال لى جونا:
- الكل هنا يستعمل الكلاكسات بشكل غريب جدا..بمناسبة أو بدون مناسبة..يصير ذلك شيئا مزعجا جدا ليلا!
بعد ساعة فى غرفته كان يرينى منزله فى ميريلاند..على شاشة اللاب توب، يرسم لنا برنامج جوجل إيرث صورة واضحة تماما للبيت الخشبي الصغير والأشجار الكثيفة التي تحيط به..كنت مبهرا بالدقة المتناهية التي وصل لها جوجل إيرث، وكان جونا يصف لى أين يركن سيارته وأين تترك والدته سيارتها..كما راح يرينى منازل أصدقائه ويتباهى بالهدوء الذى يخيم على منزله..لهذا يفتقد ميريلاند!
كوبرى عبود فى الواحدة صباحا..سيارة الميكروباص العتيقة تحمل ركابا..ثمة مشاجرة تدور على الجانب بين عدد من الفتيان، والسائق يعلو صوته مناديا:"رمسيس..رمسيس..رمسيس.."..الركاب يتدفقون داخل الميكروباص..السيارات تمرق من جوار العربة مسرعة..
أخيرا جاء السائق،وركب بالميكروباص بعد أن امتلأ عن أخره..نظر لي ولحقيبتي وسألني:"واخد اتنين قدام؟" أومأت برأسي إيجابا،فاطمأن وانطلق..
بعد قليل وقفنا عند الكمين..جاء الضابط بملابس مدنية وطلب من أحد الركاب أن ينزل..طلب منه بطاقته ثم بدأ تفتيشه بدقة متناهية..وجاء ليلقى نظرة على المقعد الذي كان يحتله في المبكروباص..جاء أمين شرطة ليسأل السائق قائلا في زهو غير مبرر:" فين الرخصة يا له؟" –وخلى بالك من "يا له" هذه!
فرد السائق مبتسما –كأن أمين الشرطة قد مدحه:
-اتفضل يا باشا!
وناول "الباشا" رخصة السيارة..في حين كان أمين شرطة آخر يفحص راكب أخر بالسيارة..ثم جاء الباشا الكبير وقال للسائق:
-اطلع أنت!
اتجهت العيون نحو الراكب الشاب الذى نزل منذ لحظات، ومازال السادة الباشوات يفتشونه قطعة قطعة –فى هذه اللحظة كان يخلع فردتى حذائه ويتركنهما لأحد الباشوات كى يفحصهما..فصاح الباشا الكبير مكررا:
-بقولك أطلع!
وابتسم السائق من جديد وانطلق..ساد الصمت التام إلا من غمغمة شيخ:
- لا حول ولا قوة إلا بالله!
وتوقف الميروباص على جانب الطريق ليلتقط راكبا جديدا يملأ به الفراغ الذي كان يشغله الشاب الذي نزل..تساءل الراكب الجديد وهو يقفز بنفسه داخل الميكروباص:
-رمسيس يا أسطى؟
ولم يرد أحد لأن الميكروباص كان قد عاود الانطلاق!
قليلة هي الفرص التي تسنح لى كي أستمع إلى أحاديث فتيان وفتيات الـAUC
بدأ اليوم بفصل الإعلان Advertising 315
المحاضرة التالية كانت فصل التسويق Marekting 302
كالعادة جلست فى أخر مقعد في الفصل أراقب الطلبة الذين سيطر عليهم الملل..فتاة فتحت الفيس بوك على اللاب توب الذى لا يرى البروفسير شاشته طبعا..فتى انهمك فى رسم وحش أسطوري فى كشكول محاضراته..زميلي الجالس جوارى لا يكف عن التململ ويهمس لى من حين لاخر: "إيه الفقع ده..إيه الفكس ده"، وأرد عليه مبتسما:"يا عم فاكس"!
كنت أفتقد صديقي محمود حيث اعتدنا أن نجلس معا فى أخر مقعد في الفصل..أنا أقرأ كتابا أو أدون بعض الأفكار و صديقى يفتح الـ iphone
المحاضرة الثالثة كانت السيكولوجي..لحسن الحظ لم يعمل البروجيكتور وظلت البروفسير تبحث عمن يصلحه حتى تعرض علينا فيلما أو عرضا تقديمياPresentation
قالت أخرى أن أكثر ما أثار شغفها حقا هو "البسين" الجديد الذى افتتح في مركز الألعاب الرياضية فى حرم الجامعة الجديد..أطلقت صديقاتها كثيرا من "وووه" و الـ "واو"، وقد تحمسن لتجربة "البسين"..لازم ننزل البسين يا جماعة..و قالت ثالثة: الجامعة فعلا تطورت قوى.بس ناقص يفتحونا كوافير في الجامعة!
كانت الفكرة عبقرية حتى أنها نالت استحسان أغلب الفتيات فى الفصل..واو! كوافير فى الجامعة!..وهكذا تضمن الواحدة منهن المحافظة على أناقتها طوال الوقت..وعلى رأى إحداهن: "بدل ما نروح كوافير بره، نسيب الجامعة تستنفع"..
كنت أتظاهر طوال الوقت بتصفح كتاب السيكولوجى بينما أنا أستمع إلى تعليقاتهن باهتمام..والله الفكرة عجبتنى..هن يطالبن بكوافير فى الجامعة، ومن حقنا أيضا –نحن معشر الفتيان- أن نطالب بحلاق في الجامعة..إشمعنى يعنى؟
الليلة قررت أن استذكر بعض السيكولوجى..
تغيبت اليوم عن الجامعة..صحيح أنه لم أنوى ذلك من البداية، لكنني صحوت ووجدت نفسي متعبا بشدة..كنت قد لعبت الكثير من كرة القدم ليلة أمس، وطبعا كل من يعرفوني يدركون جيدا كيف يلعب علاء كرة القدم..بصراحة علاقتي بكرة القدم مثل علاقة رونالدو بالفيزياء النووية..قد يشاهد فيلما تسجيليا عن الفيزياء النووية فتعجبه،لكنه طبعا لن يجن ويجرى تجربة عملية يختبر فيها ما رآه فى الفيلم التسجيلي..هذه هى بالطبع هى علاقتي بكرة القدم ما لم يكن والد رونالدو –لسوء الحظ- قد رباه ليكون عالما فيزيائيا فخيب أمله وصار لاعب كرة قدم!
المهم أننى ظلت في الفراش حتى الحادية عشرة صباحا،ثم قررت ـ أن أنهض لأني لم أتغيب عن الجامعة كي أنام..لدى ميدترم سيكولوجى بعد أيام،وأنا لم أستذكر حرفا في السيكولوجى منذ بداية الترم، كما أنني أخذت هذا الكورس عن حب وأريد أن أستفيد منه..لهذا قررت أن أقضى اليوم فى مذاكرة السيكولوجى!
اليوم أذاكر سيكولوجى..هكذا قررت وأنا أبدأ يومي بتصفح الفيس بوك كالمعتاد..ثم أستمع إلى أغاني ألبوم فضل شاكر الجديد.. قررت فجأة أن أعود لعالم التدوين بعد انقطاع ما يقرب من عامين..لماذا الآن؟..هل حتى أهرب من مذاكرة السيكولوجى؟
وأنا –أقسم لكم- أحب السيكولوجى..كنت أهيم حبا بقراءة علم النفس أيام الثانوية العامة..أهرب من الأحياء و الحامض النووى و نظريات داروين إلى كتب فرويد في مكتبة المدرسة..العام الماضي عشقت علم النفس وكنت أقضى الساعات أتنقل عبر مواقع الانترنت باحثا عن نظريات علم النفس الخاصة بالشخصية واضطراباتها والوسواس القهري وكل هذه النظريات الممتعة..كنت أهيم بها حبا، فلماذا أجد نفسي أكرها إلى هذا الحد الآن بعد أن صارت واجبا حتميا لابد أن أستذكره لا من أجل مجرد المتعة الشخصية هذه المرة؟
ومر اليوم دون أن أستذكر حرفا..مضت بى الساعات بين الفيس بوك وتظبيط المدونة وأغاني فضل شاكر الجديدة..منذ ساعتين قررت أن الساعة الحاسمة قد حانت خيرا وأن السيكولوجى يناديني..تحمست وفتحت الكتاب وبدأت أتطلع إلى الفصول التي ينبغى أن أذاكرها..أربعة فصول فحسب..جميل..هنا اكتشفت أن هؤلاء الفصول الأربعة يقعن فما يقرب من مائة وخمسين صفحة..147 صفحة على وجه الدقة..وما أدراك ما هي صفحات كتاب السيكولوجى!..كل صفحة ضخمة مكتزة بالمصطلحات والتعبيرات السيكولوجية البليغة -باللغة الإنجليزية طبعا..على الفور ذهب عنى الحماس وقررت أن وقت العشاء قد حان..كيف لم أشعر بهذا الجوع القاتل إلا الآن؟.سأكل أولا ثم أذاكر..نعم طبعا سأذكر..ألم أغب اليوم عن الجامعة كي أذاكر؟
وأكلت..وأخذت الكتاب وقررت الاستذكار في صالة التلفزيون..جلست وفتحت الكتاب فوجدت الساعة الآن العاشرة.موعد البيت بيتك..أمام تليفزيون كهذا لا تجد خيارات أخرى للمشاهدة سوى البيت بيتك..فتحت التليفزيون وقررت مشاهدة فقرة "مصر بيحصل فيها إي النهاردة" عشان –طبعا - أشوف مصر حصل فيها إيه النهاردة..الأهلي اتعادل تانى..واللاعب - من بترول أسيوط-الذي أحرز الهدف فى مرمى الأهلي لم يصدق نفسه فأنزل الشورت وقام بحركات أبيحة على الهواء مباشرة..ويبدو أن المشهد عجب مخرج البيت بيتك فراح يذيعه مرارا على عيون المشاهدين المتحمسين..ربنا معاك يا أهلى، شمت فينا بتوع بترول أسيوط!
فى الساعة الحادية عشرة مساء تنبهت أننى لم أستذكر شيئا، فقررت أن اصعد إلى غرفتي وأحبس نفسي وأبدأ المذاكرة..لازم أذاكر بقى..وتذكرت كيف ضبطتنى الدكتورة في المحاضرة السابقة أقرأ كتابا أثناء الفيلم الممل الذي كان معروضا لنشاهده..لم تحرجني أمام زملائي وانتظرت حتى نهاية المحاضرة وطلبت منى بهدوء ألا أقرأ ثانية أثناء المحاضرة..اعتذرت وقد شعرت بالدم يملأ وجهي..وصممت أن أثبت كفاءتي لها وأحصل على الدرجة النهائية في الميدترم القادم بعد أيام..لازم أذاكر بقى!
واسترخيت على الفراش لأبدأ المذاكرة..أبدأ من الفصل الثالث كالعادة..لا أحب استذكار أي مادة بالترتيب أبدا..قلبت الصفحات ووجدت الموضوع ممتعا..تطور شخصية الطفل..الحمد لله أننى لم أبدأ بنظريات فرويد الذي صرت أكرهه فجأة..بعد ربع ساعة نهضت إلى اللاب توب كى ألقى نظرة على الفيس بوك..وجدت صديقي المصري المقيم فى أمريكا يكتب في الـSatuts أنه يذاكر فى المكتبة..تذكرت هذه الأيام الجميلة يوم أن كنا نذاكر معا في المكتبة..كتبت له طالبا أن ندردش قريبا معا..ثم عدت للفراش كي أواصل المذاكرة..مينفعشى كده..منذ أكثر من 12 ساعة قررت أن أستذكر السيكولوجى ولم أفعل شيئا يذكر بعد!
بعد دقائق كنت أنهض إلى اللاب توب من جديد..تحمست فجأة أن أكتب هذه السطور..لسوف أكتبها وأنشرها على مدونتي ليعرف الآخرون كيف يعانى طلاب الجامعة الأمريكية في بدء الاستذكار وليس في المذاكرة نفسها..يظنوننا نلعب ونلهو طوال أيام الدراسة؟..إننا نعانى كثيرا حقا..كيف لهم أن يعلمون!
والآن وقد حان منتصف الليل فيجب على أن أواصل المذاكرة..سأضع هذه التدوينة على مدونتي ولسوف أذهب من جديد إلى الفراش كي أستمتع بالسيكولوجى..أنا أحب السيكولوجى..سأحصل على الدرجة النهائية فى السيكولوجى..سأثبت كفاءتي للبروفسير..لا أعرف لماذا يداهمني النوم بهذه القوة الآن؟..كلا..لن أستسلم للنوم..سأبدأ المذاكرة الآن..ألم أقل لكم أنني – هاااااااا – أحب السيكولو.....تصبحون على خير!
عندما تقرر دار نشر عملاقة مثل الشروق أن تطرح أول كتبها لساخرة، فعلينا جميعا أن نقف وان نترقب، خاصة مع الحملة الإعلانية الكبيرة التي سبقت طرح الكتاب مستخدمة (موقع يوتيوب) الأشهر، مقدمة سلسلة من إعلانات الفيديو كأنها ستقدم فيلما سينمائيا وليس كتابا.. من هنا جاء كتاب "أول مكرر" لـ"هيثم دبور".. لا غنى عنه للطالب المتفوق!
أما لماذا اسمه "أول مكرر" وليس "الأول" كالمعتاد -كل الكتب التعليمية يقدمها صناعها للأول دائما- فهو لأنه كتاب لكل من هو دون الأول.. "من أول الأول مكرر لحد الأخير، الجماهير الغفيرة من أبناء جيلي والجيل اللي أكبر مني بشوية، الفشلة اللي جابوا 95% وما لاقوش كلية تلمهم إلا تجارة"..
تحت عنوان "تفخيد" -حاجة كده زي تصدير على حد قول الكاتب- يقدم لنا "دبور" سلسلة من الأفكار والمعتقدات والذكريات من عالم المدارس والجامعات بأسلوب قوي أخاذ، يأخذك لذكريات الطفولة والمدارس الثانوية والجامعة.. "طابور المدرسة.. النشاز الواضح في نشيد بلادي".. "شعر صدر الطلبة في ثانوي وهو خارج من القميص، البنات اللي بتتني الجيبة لجوه علشان يتعاكسوا، دلع بنات مدرسة الراهبات".. "إلى أمن الجامعة ضباطا وعساكر وموظفين وعصافير واتحاد طلبة.. إلى كل الأسر بحفلاتها وندواتها ورحلاتها اللي بيطلع منها أحلى مصلحة للي نظموها".. "إلى غرف التربية الزراعية والليمون المعصفر ومربى التين التي لا تنتج المدارس غيرها.."
ينقسم الكتاب إلى تسع حصص، من الأخلاق (مادة تحت التأسيس) إلى المجالات (الصيانة والزراعة والحاسوب)، في الحصة الأولى "الأخلاق" يقدم لك "دبور" البروتوكولات العشر السريّة التي تشبه بروتوكلات حكماء صهيون بأسلوب ساخر متميز، يذكرك كثيرا بما كنت تفعله أيام الثانوية العامة "إذا كنت دحيحا".. البروتوكول الأول أن تكون مرهف الحس.. "بمعنى أن تبكي كثيرا عقب كل امتحان، وأن تنهار وترتمي على الأرض وأن تضرب الأرض بيديك وقدميك.. لا مانع من إغماءة بسيطة، وإذا سألك أحدهم ماذا أصابك؟.. أجبته والدموع تتصبب منك كالمطر: ما حلتش كويس.. متوقع أطلع بالمادة السنة دي".
من أمتع أجزاء الكتاب حصة النصوص، حيث يقدِّم لنا "دبور" حصة النص الشعري البليغ "الست لمَّا" باعتبارها بلاغة من إمبابة، حيث يقدِّم لنا التعريف بالشاعر "الشاعر مجهول مولود في إمبابة وأحب سيدة من أرض اللواء إلا أن والدها طلب منه مهرا مائة من النوق العصافير (ميكروباص 14 راكبا)".. أما مناسبة النص فهي "بعض الأفراح الشعبية التي يسترزق فيها الشاعر".. وقد بدأها -كعادة شعراء إمبابة- بالبكاء على الحبيبة، ثم انتقل لوصلة "الست لمَّا" واختتمها بوصف السيما، ويظهر التجديد في النص في عدم ذكر الشاعر للخمر؛ لأن المعازيم ما يتوصوش.
قد يخرج "دبور" أحيانا من حدود الحصة ليربط بين المادة وموضوع آخر مختلف تماما.. في حصة الكيمياء يتحدث عن (الكيميا) التي تربط صديقك الأنتيم بصديقتك الأنتيم.. "أسوأ ما قد يحدث لك أثناء دراستك الجامعية ليس أن تُطرد من المدرج أمام الأعداد الغفيرة أو تُحرم من دخول مادة أو تشيلها أو حتى تعيد العام بأكمله، لكن أن يرتبط صديقك الأنتيم بصديقتك الأنتيم.. حينها ستغدو حياتك جحيما"!
ولا ينسى "دبور" أن يقدِّم لك تجربة عملية في حصة الكيمياء على طريقة الكتب الخارجية، مقدما لك تفاصيل أدوات التجربة والخطوات والمشاهدة والنتيجة بالإضافة إلى ملحوظات على التجربة.. أما التجربة نفسها فهي كيف تضرب حشيشا في الجامعة!
في الفسحة يخرج "دبور" تماما عن نص الكتاب؛ ليقدِّم لك فصلا ترفيهيا بمجموعة من المقالات الساخرة عن نفسه، حيث يُجيب عن السؤال العتيد الذي يطرحه كل من يقرأ اسم الكاتب على غلاف الكتاب.. هل ثمة علاقة بين "هيثم دبور" مؤلف الكتاب والشخصية الشهيرة في فيلم "مرجان أحمد مرجان"؟.. تحت عنوان (أن تكون هيثم دبور) يستعرض الكاتب المواقف المحرجة الكثيرة التي حدثت له بسبب اسمه ويشير إلى أن "يوسف معاطي" اقتبس اسمه حينما قدَّم شخصية "هيثم" في فيلم "مرجان"، وهو ما يستغله "دبور" جيدا ليوحي لأصدقائه أنه الكاتب السري الذي يشارك "معاطي" في تأليف كل أفلامه.. "يمكن أن تحسن صورتك ليتناقلوها في جلساتهم مش اتضح إن "هيثم دبور" هو اللي بيكتب أفلام "معاطي"، وشعرت ببساطة أنها عملية مبادلة مشروعة أن يأخذ كاتب اسمك ليطلقه على شخصية فتأخذ أنت كل أعماله لتطلقها على اسمك!"
كما يبتعد "دبور" عن نطاق حصة المجالات، ليقدِّم لك أكثر الجمل الشائعة التي تجدها مكتوبة على (باب الحمَّام) في كلية آداب.. "الحكومة غلِّت البنزين ومع ذلك البلد بتولَّع".. "تفتكروا البلد بتولَّع بنزين 80 ولا 90"!
وفي النهاية يقدِّم لك "دبور" سيرته الذاتية التعليمية كطالب دخل المدرسة الابتدائية في السعودية، وعندما عاد لمصر رفضت وزارة التربية والتعليم إلحاقه بالصف الرابع الابتدائي وعاد للصف الثالث مرة ثانية!
المبدع "هاني صلاح" مصمم الغلاف، جعل منه غلاف كتاب مدرسي عتيق شوهته رسومات الطالب، وطبعت على غلافه الخلفي النصائح المدرسية الشهيرة لكن بأسلوب "هيثم دبور".. (ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالسفر إلى آخر العالم.. الكنيست ذاته).. (الصدق والأمانة من الصفات الحميدة التي يجب أن تتخلى عنها) ولا تنسَ أن (حافظ على نظافة مدينتي.. بناة المستقبل)!
المقال على بص وطل:
http://www.boswtol.com/aldiwan/nkasakees_237_02.html