Monday, March 2, 2009

أول مكرر.. كتاب لا غنى عنه للطالب المتفوِّق!


عندما تقرر دار نشر عملاقة مثل الشروق أن تطرح أول كتبها لساخرة، فعلينا جميعا أن نقف وان نترقب، خاصة مع الحملة الإعلانية الكبيرة التي سبقت طرح الكتاب مستخدمة (موقع يوتيوب) الأشهر، مقدمة سلسلة من إعلانات الفيديو كأنها ستقدم فيلما سينمائيا وليس كتابا.. من هنا جاء كتاب "أول مكرر" لـ"هيثم دبور".. لا غنى عنه للطالب المتفوق!

أما لماذا اسمه "أول مكرر" وليس "الأول" كالمعتاد -كل الكتب التعليمية يقدمها صناعها للأول دائما- فهو لأنه كتاب لكل من هو دون الأول.. "من أول الأول مكرر لحد الأخير، الجماهير الغفيرة من أبناء جيلي والجيل اللي أكبر مني بشوية، الفشلة اللي جابوا 95% وما لاقوش كلية تلمهم إلا تجارة"..

تحت عنوان "تفخيد" -حاجة كده زي تصدير على حد قول الكاتب- يقدم لنا "دبور" سلسلة من الأفكار والمعتقدات والذكريات من عالم المدارس والجامعات بأسلوب قوي أخاذ، يأخذك لذكريات الطفولة والمدارس الثانوية والجامعة.. "طابور المدرسة.. النشاز الواضح في نشيد بلادي".. "شعر صدر الطلبة في ثانوي وهو خارج من القميص، البنات اللي بتتني الجيبة لجوه علشان يتعاكسوا، دلع بنات مدرسة الراهبات".. "إلى أمن الجامعة ضباطا وعساكر وموظفين وعصافير واتحاد طلبة.. إلى كل الأسر بحفلاتها وندواتها ورحلاتها اللي بيطلع منها أحلى مصلحة للي نظموها".. "إلى غرف التربية الزراعية والليمون المعصفر ومربى التين التي لا تنتج المدارس غيرها.."

ينقسم الكتاب إلى تسع حصص، من الأخلاق (مادة تحت التأسيس) إلى المجالات (الصيانة والزراعة والحاسوب)، في الحصة الأولى "الأخلاق" يقدم لك "دبور" البروتوكولات العشر السريّة التي تشبه بروتوكلات حكماء صهيون بأسلوب ساخر متميز، يذكرك كثيرا بما كنت تفعله أيام الثانوية العامة "إذا كنت دحيحا".. البروتوكول الأول أن تكون مرهف الحس.. "بمعنى أن تبكي كثيرا عقب كل امتحان، وأن تنهار وترتمي على الأرض وأن تضرب الأرض بيديك وقدميك.. لا مانع من إغماءة بسيطة، وإذا سألك أحدهم ماذا أصابك؟.. أجبته والدموع تتصبب منك كالمطر: ما حلتش كويس.. متوقع أطلع بالمادة السنة دي".

من أمتع أجزاء الكتاب حصة النصوص، حيث يقدِّم لنا "دبور" حصة النص الشعري البليغ "الست لمَّا" باعتبارها بلاغة من إمبابة، حيث يقدِّم لنا التعريف بالشاعر "الشاعر مجهول مولود في إمبابة وأحب سيدة من أرض اللواء إلا أن والدها طلب منه مهرا مائة من النوق العصافير (ميكروباص 14 راكبا)".. أما مناسبة النص فهي "بعض الأفراح الشعبية التي يسترزق فيها الشاعر".. وقد بدأها -كعادة شعراء إمبابة- بالبكاء على الحبيبة، ثم انتقل لوصلة "الست لمَّا" واختتمها بوصف السيما، ويظهر التجديد في النص في عدم ذكر الشاعر للخمر؛ لأن المعازيم ما يتوصوش.

قد يخرج "دبور" أحيانا من حدود الحصة ليربط بين المادة وموضوع آخر مختلف تماما.. في حصة الكيمياء يتحدث عن (الكيميا) التي تربط صديقك الأنتيم بصديقتك الأنتيم.. "أسوأ ما قد يحدث لك أثناء دراستك الجامعية ليس أن تُطرد من المدرج أمام الأعداد الغفيرة أو تُحرم من دخول مادة أو تشيلها أو حتى تعيد العام بأكمله، لكن أن يرتبط صديقك الأنتيم بصديقتك الأنتيم.. حينها ستغدو حياتك جحيما"!

ولا ينسى "دبور" أن يقدِّم لك تجربة عملية في حصة الكيمياء على طريقة الكتب الخارجية، مقدما لك تفاصيل أدوات التجربة والخطوات والمشاهدة والنتيجة بالإضافة إلى ملحوظات على التجربة.. أما التجربة نفسها فهي كيف تضرب حشيشا في الجامعة!

في الفسحة يخرج "دبور" تماما عن نص الكتاب؛ ليقدِّم لك فصلا ترفيهيا بمجموعة من المقالات الساخرة عن نفسه، حيث يُجيب عن السؤال العتيد الذي يطرحه كل من يقرأ اسم الكاتب على غلاف الكتاب.. هل ثمة علاقة بين "هيثم دبور" مؤلف الكتاب والشخصية الشهيرة في فيلم "مرجان أحمد مرجان"؟.. تحت عنوان (أن تكون هيثم دبور) يستعرض الكاتب المواقف المحرجة الكثيرة التي حدثت له بسبب اسمه ويشير إلى أن "يوسف معاطي" اقتبس اسمه حينما قدَّم شخصية "هيثم" في فيلم "مرجان"، وهو ما يستغله "دبور" جيدا ليوحي لأصدقائه أنه الكاتب السري الذي يشارك "معاطي" في تأليف كل أفلامه.. "يمكن أن تحسن صورتك ليتناقلوها في جلساتهم مش اتضح إن "هيثم دبور" هو اللي بيكتب أفلام "معاطي"، وشعرت ببساطة أنها عملية مبادلة مشروعة أن يأخذ كاتب اسمك ليطلقه على شخصية فتأخذ أنت كل أعماله لتطلقها على اسمك!"

كما يبتعد "دبور" عن نطاق حصة المجالات، ليقدِّم لك أكثر الجمل الشائعة التي تجدها مكتوبة على (باب الحمَّام) في كلية آداب.. "الحكومة غلِّت البنزين ومع ذلك البلد بتولَّع".. "تفتكروا البلد بتولَّع بنزين 80 ولا 90"!

وفي النهاية يقدِّم لك "دبور" سيرته الذاتية التعليمية كطالب دخل المدرسة الابتدائية في السعودية، وعندما عاد لمصر رفضت وزارة التربية والتعليم إلحاقه بالصف الرابع الابتدائي وعاد للصف الثالث مرة ثانية!

المبدع "هاني صلاح" مصمم الغلاف، جعل منه غلاف كتاب مدرسي عتيق شوهته رسومات الطالب، وطبعت على غلافه الخلفي النصائح المدرسية الشهيرة لكن بأسلوب "هيثم دبور".. (ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالسفر إلى آخر العالم.. الكنيست ذاته).. (الصدق والأمانة من الصفات الحميدة التي يجب أن تتخلى عنها) ولا تنسَ أن (حافظ على نظافة مدينتي.. بناة المستقبل)!

المقال على بص وطل:

http://www.boswtol.com/aldiwan/nkasakees_237_02.html

No comments:

Post a Comment