Monday, June 1, 2009

بص وطل : هكذا رأيت إسرائيل



لم يكن القرار الذي اتخذه محمد مصطفى -الصحفي بأخبار اليوم- سهلاً.. حينما رأى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يُصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين على شاشات التليفزيون، اتخذ قراره بالسفر إلى إسرائيل؛ ليرصد الأحداث بنفسه في قلب الأراضي المحتلة، ثم قدّم مغامرته الصحفية المثيرة في كتابه الصادر عن أخبار اليوم "هكذا رأيت إسرائيل".

ورغم أن الكاتب سافر عشرات المرات إلى إسرائيل على الورق ومن خلال قراءاته الكثيرة عن إسرائيل، إلا أنه شعر أن هذه المرة تختلف، عندما هبطت به الطائرة في تل أبيب أحسّ أن بابها ينفتح على عالم مجهول مليء بالأسرار والغموض.

يُؤكد الكاتب أنه في كل رحلة يقوم بها، يعمل بالمثل الإنجليزي القائل: "إن المسافر يجب أن تكون له عينا صقر ليرى كل شيء.. وأن تكون له أذنا حمار ليسمع كل شيء.. وأن يكون له ظهر جمل ليتحمّل أي شيء.. وأن تكون له ساقا معزة لا تتعبان من المشي".

في مقر السفارة المصرية في تل أبيب كانت بداية رحلته، وكان في استقباله السفير المصري محمد البسيوني، الذي رتّب له لقاءه بكبار رجال الدولة في إسرائيل، لتتوالى منذ اللحظات الأولى لزيارته لقاءاته الصحفية، وإن فضّل أن تكون القدس مقر إقامته وليس تل أبيب.

كان اتفاق "غزة - أريحا" هو الدافع الأول لقيام الكاتب بهذه الرحلة، فقد كان محوراً مهماً وأساسياً في كل حواراته مع المسئولين على الجانبين العربي والإسرائيلي، ومن واقع اندماجه مع المجتمع الإسرائيلي يرى الكاتب أن المواطن الإسرائيلي صار في رغبة أكيدة لإنهاء الحرب مع جيرانه العرب، ويرى أن إسرائيل فقدت بالفعل كل كبريائها وعنجهيتها.. ولابد أنهم يشعرون حينها بالاضطراب، إذ إن مطلوباً منهم -بعد الاتفاق- تقبّل فكرة تحوّل منظمة التحرير الفلسطينية من عصابة من السفّاحين -كما كانوا يسمّونها دائماً- إلى أقوى حليف لهم ضد التطرّف، حتى إن أحد الصحفيين الأوروبيين علّق على ذلك قائلاً: "إن هذه التحوّلات السريعة طيّرت عقول الشباب الإسرائيلي".

تأتي زيارة محمد مصطفى إلى إسرائيل في هذه الأجواء المضطربة، الذي يعرّفها بأنها: "الانقلاب الكبير الذي أدخل الصراع العربي الإسرائيلي مرحلة مغايرة تماماً في تاريخه".

ويلتقي مصطفى بالرئيس الإسرائيلي حينها عايزرا وايزمان، الذي يتحدّث معه عن مستقبل السلام في المنطقة بين العرب والإسرائيليين، مُبدياً إعجابه بالسادات الذي يراه رجلاً ذكياً واقعياً بعيد النظر، وقال إنه لم يُصدق أنه حقاً يريد السلام، عندما أعلن عن رغبته في زيارة القدس، وعلّق قائلاً: "لقد كانت وجهة نظر السادات أن الحرب والسلام في يد مصر، وكان متأكداً أن العرب في النهاية سيتّجهون للسلام، وهو ما أثبتته الأيام".

في الأراضي المحتلة أنت معرّض للخطر في أي لحظة.. عندما كان مصطفى عائداً إلى الفندق في سيارة صديقه من الضفة الغربية، فوجئ بطلقات نارية بالقرب من السيارة ثم استوقفتهم دورية إسرائيلية فحصت أوراقهم وطلبت منهم الانتظار؛ حتى ينتهى الاشتباك بين أفراد الشرطة الإسرائيلية وبين رجال حماس، وظلّوا ينتظرون في السيارة لمدة ساعتين وطلقات الرصاص لا تنقطع لحظة.

في طريقه لزيارة المسجد الأقصى يجد الكاتب نفسه فجأة أمام مجموعة من الرجال يضعون الطواقي السوداء على رؤوسهم، وقد طالت لحاهم وارتدوا الملابس التي تُشبه ملابس السهرة باللون الأسود، وراحوا يُتمتمون بكلمات غير مفهومة ووجوههم متّجهة إلى حائط كبير، اكتشف الكاتب أنه حائط المبكى الشهير.

ويزور الكاتب منطقة بحرية برية ليذهل بحجم السياحة الكبير جداً هناك، لدرجة أن عشرات الفنادق التي أقيمت على حافة البحيرة تكتظ بالسيّاح، وحركة المطاعم والمحلات الكثيرة بالمدينة سريعة وحيوية للغاية أما الأسعار فهي باهظة جداً.

إلى هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل شدّ الكاتب الرحال، ليرى نفسه المواقع السورية الحصينة التي احتلتها إسرائيل، وسمع أحد المرشدين السياحيين الإسرائيليين يقول: "من هنا كان يقذفنا السوريون بالمدافع والحجارة، وكل شيء، كانوا يملكون القمة، وكنا نقبع في السفح، واليوم يطالبوننا بالتخلي عن الجولان.. إنهم مجانين!".

وراح الكاتب يطوف المستوطنات الإسرائيلية فوق الجولان، مذهولاً بكمّ التجهيزات ووسائل الحياة العصرية وأدوات الترفيه بكل أنواعها من مطاعم وملاعب وديسكو وغيرها التي تزخر بها هذه المستوطنات، فعندما تشهد كل هذه التجهيزات في المستوطنات لا يمكن أن تصدّق أن الإسرائيليين قد شيّدوها كي يتركوها.. ومِن فوق الجولان رأى الكاتب الحدود الأردنية وجزءاً من الأراضي اللبنانية، وتساءل في حزن: كيف استطاع الإسرائيليون احتلال كل هذه الأراضي؟!..

"هكذا رأيت إسرائيل" كتاب مثير ينقل لك الواقع السياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مرحلة خطيرة من الصراع العربي الإسرائيلي أثناء توقيع اتفاق "غزة - أريحا"، وإن لم يتعمّق الكاتب كثيراً في الحياة اليومية للإسرائيليين أو الفلسطينيين.

المقال على بص وطل:

http://www.boswtol.com/5gadd/nsahsah_250_06.html

No comments:

Post a Comment